الخميس، 3 ديسمبر 2015

فريندزون الزمن الجميل ..


*نشر في المغفور لها بإذن الله مجلة حكايتنا.


*فريندزون أو منطقة الصداقة هي لفظة تعادل منطقة الخطر، و تعني وضع أحد الجنسين -و غالبا ما يكون الرجُل- في قالب الصداقة، فيتلاشي أي أمل في الانتقال لمرحلة الحبيب او الخطيب أو ما يعادلهما، و نادرة هي الحالات التي دخلتها و استطاعت الخروج منها، و شخصياً أعتبر هؤلاء الناجين من ذوي القدرات الخارقة، فتحية لهم.

و بالرغم من ان اللفظة انتشرت عام 1994 حين ذكرت في "السيت كوم" الامريكي friends، الا ان اصولها ترجع لقديم الزمان منذ أن رفضت إبنة آدم حب هابيل ووضعته في الـ "برو-زون" ففتحت السكة لخطر لا ينتهي.

و لو سألت أي مُطلع علي عالم الفن او مهتم به أو حتي أي مخضرم في الحياة سيقول لك ان أمينة رزق و يوسف بيك وهبي هما خير مثال للفريندزون في تاريخ السنيما المصرية.

بدأ اللقاء عام 1924 حين انضمت الفتاة أمينة رزق لفرقة رمسيس المسرحية -التي أسسها الوسيم يوسف وهبي- بعد ان حدث خلاف بينه و بين روز اليوسف "فاطمة اليوسف" بطلة مسرحياته السابقة، في البداية كان الاحترام المتبادل بينهما و الانبهار بالثري الشغوف هو ما جذب أمينة له، و كلما عملا سوياً و مر الوقت عليهما كلما ازداد الشيء النامي بداخلها حتي أصبح حب عظيم للاسف من طرف واحد؛ فحين سُأل يوسف بيه وهبي عنها أشار لكونها ممثلة قديرة و زميلة عزيزة و صديقة غالية، فقط.

كان يوسف بك وهبي هو أول من ساندها و آمن بها و أعطاها الاحترام و البطولة المطلقة كنجمة مسرحية فكان من المنطقي ان تقع في حب البك الوسيم، ناهيك عن ان أهم ما قد يجذب المراة للرجل هو شغفه بقضيته و كلما ازداد الشغف اشدت الانجذاب و هذا ما كان في قصتهما، خصوصاً و ان شغفهما واحد و عشقهما للمسرح قوي، فهو رسول العناية الإلهية الذي نهض بفن التمثيل في مصر كما أطلق عليه و هي عذراء السنيما المصرية التي عاشت تتنفس الفن و تهوي المسرح.

و قد أدركت امينة منذ اللحظة الأولي أن حبها لوهبي بدون أمل، و مع ذلك ظلت وفّية له و سجلت للتاريخ الفني قصة حب نادرة لم تُكتشف حدودها حتي الآن، لانه لم يكن لها مجرد رجل أحبته بل كان الأستاذ والمثل الأعلى .. أما يوسف وهبي فقد أحب وتزوج كثيرًا ولم يفكر يومًا في أمينة، التي عزفت عن الزواج وبقيت بقربه تسعد بساعات العمل معه وتتمنى لو تراه سعيداً إلى الأبد.

فقد تزوج يوسف وهبي ثلاث مرات -كما وصل لنا من السيدة لوتس عبدالحكيم-، الاولي كانت في ايطاليا من الممثلة الايطالية "الينا لوندا" و كان عمره 18 عام و قد قال عنها فيما بعد أنها "إمرأة للجميع .. و حثالة المجتمع" لكن لندع الارواح ترقد في سلام و ننتقل لزواجه الثاني الذي تم في باريس حيث تزوج يوسف وهبي من المليونيرة عائشة فهمي وكانت أغني سيدة في مصر وقتها وتكبره بستة عشر عاماً و كان وقتها لا يزال في بداية حياته الفنية.
و الثالثة السيدة سعيدة منصور ابنة البشاوات التي تركت أهلها وأولادها الخمسة لتتزوج وهبي الذي أحبته حباً شديداً وعاشت معه حتي آخر العمر، و لهذا قصة ..
فحينما أحب وهبي زوجته الاخيرة السيدة سعيدة منصور كانت متزوجة من رجل آخر و أم لخمس أولاد، و ساعدته صديقته المخلصة أمينة رزق علي إتمام هذا الزواج، حيث كانت "مرسال الغرام" بين وهبي وحبيبته؛ حيث تنكرت في دور خادمة وبرعت في التمثيل إلى حد إقناع الزوج بذلك، وبقيت هكذا تحمل الرسائل بين العاشقين، ولم ينكشف أمرها حتى حصلت الزوجة على الطلاق وزالت العقبة بينها وبين وهبي وأصبح الزواج ممكنًا .. فأي حب حملته السيده أمينة رزق ليوسف وهبي حتي تزوجه بيدها و كيف تحملت الولع و عذاب القلب في بعده عنها !

أعتقد ان اهمال يوسف بيك وهبي لحب أمينة رزق يعود لآرءه المعارضة أصلاً لزواج الفنانيين من بعضهم البعض، فالرجل كان يرفض الفكرة نفسها و أمينة لم تستطع أو لم تحاول -برغم كل هذا الحب- أن تغير فكرته تلك، فعاشت علي أمل الارتباط به يوماً و هو ما لم يحدث.

لكن دائماً هناك أمل، فمن يعلم قد يكون البيك المثقف غير رأيه و يكون الشمل أجتمع في الآخرة و ارتاحت روح أمينة العذراء بعد طول تعب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق