الخميس، 3 ديسمبر 2015

التمر حنة.


*نشر في المغفور لها بإذن الله مجلة حكايتنا.

الورد أحلي وﻻ الياسمين؟
التمر حنة
الفل أحلي وﻻ الياسمين؟
التمر حنة

جملة قالها رشدي أباظة رداً علي نعيمة عاكف، و الآن و بعد 52 عام علي إنتاج الفيلم مازالت الاجابة هي التمر حنة.

نعيمة عاكف الاحلي من التمر حنة و أزكي من الفل و الياسمين، نعيمة عاكف حيث الرقص فن و دلع و جمال و عالم يدور حول نجمها و ليس مجرد إثارة جسدية رخيصة او حركات تشنجية عنيفة، نعيمة عاكف الراقية بنت العائلة الفنية المخضرمة، هي الحسناء الرائعة ذات الحظ العسر.

من 92 عام خصوصاً في يوم 7 أكتوبر بدأ أحد النجوم البعيدة في ارسال ضوءه علي الارض، فولدت نعيمة عاكف .. و اذا اردت أن تعرف عن طفولتها و مراحل بلوغها فإبحث في أفلامها، قم بتجميع كل مشاهد القهر و الانتصار فالهروب و الابداع و الرقص في الشوارع فالغنّي و الحب لتجد بين يديك لمحات مثيرة من حياتها، فبدون قصد -ربما- وزعت نعيمة أهم حظات عمرها علي أفلامها و مثلتها بصدق ليتعرف عليها من أراد و لتخلد قصة حياتها مدي الحياة..

مع روعة نعيمة عاكف تلك، هل تدرك مدي جاذبية رشدي أباظة أو حلاوة أحمد رمزي !
حسناً ضف علي هذا صوت فايزة احمد و خفة دم زينات صدقي و لكنة إستيفان روستي..
هل تخيلت مدي الروعة! هذا يصف ببساطة فيلم "تمر حنة"
الفيلم كما تم التنويه في بدايته هو قصة حقيقية حدثت في محافظة الشرقية سردوها كما رواها أبطالها .. و هو اخراج و تأليف حسين فوزي زوج نعيمة عاكف الاول و ربما مكتشفها.

لكن لن نتحدث عن روعة الفيلم أو حلاوة رمزي التي كانت في قمتها او نضوج صوت فايزة أحمد و هي لم تتعد ال27 في هذا الفيلم، فيكفي أن نتحدث عن موال "أمَر من الصبر" و رقصة التمر حنة التي تتوسط الجزء الاول من أحداث الفيلم، فهي العبقرية مجسده و التي غالبا لم أري لها مثيل بعد..
الاغنية كما قيل في تتر الفيلم مهداه من الفنان محمد فوزي و بالطبع غناء فايزة أحمد و رقص نعيمة عاكف، يمكنك أن تغمض عينيك في أول دقيقتين من الأغنية و الاستمتاع بموال أمر من الصبر، الكلمات مع صوت فايزة أحمد هما البوابة المثالية للتمهيد للقادم و استقبال الفيلم، فكم قلب "متهناش" في هذا الفيلم !
ثم تبدأ رقصة التمر حنة، يفرش لها الطبل و المزمار و الصاجات طريق الدخول فتدخل لتتحكم بهم، فجسد نعيمة عاكف هو أقرب لمايسترو يحرك الكون من حوله، و انا واثقة من أن عبده الطبال -بطل رواية الراقصة و الطبال لإحسان عبدالقدوس- لو رآها لاعترف بشذوذها عن قاعدته -بأن الطبلة هي المايسترو الحقيقي الذي يحرك الراقصة و يحرك الجمهور و الراقصة ما هي الا صورة خلفية لها-، ترقص التمر حنة وسط نظرات الشهوة و الاعجاب مِن مَن حولها و أخصهم الثري الوسيم، و نظرات بلاهة و سذاجة حبيبها القوي التي سرعان ما تحولت لنظرات غيره علي وردته ..
التمر حنة لا تهتم بكل هذه النظرات الطائرة في الجو حولها، فهي ترقص .. جسدها يعطي الاشارات للناس من حولها فلا يساعهم الا ان ينفذوا، يعزفوا، و يستمتعوا ..

صنع الفيلم للتسلية التامة بلا أي عبر أو قيم أو خطب دخيلة عليه و غالبا هو كهذا المقال لن تخرج منه بشيء مفيد، لكنك بالطبع ستستمتع به .. الفيلم به راقصة و قوي عاشق و ثري يشتهي و أب طبقي كقصة مهروسة أنتج منها العشرات قديماً مع تغيرات طفيفة في الحبكة، و ينتج منها الكثير حالياً مع انعدام الحبكة ..
في الواقع عملية انتاج فيلم مُسلي خفيف بميزانية محدودة -نوعاً ما- هو ليس بالأمر الصعب، فقط استبدل راقصات الاغراء السخيف بفنانات حقيقيات و ضف بعض الثُقل في الفيلم من خلال أغاني و مواويل قوية تستحق أن تخلد .. و حاول ان تحب ما تصنع، فالسنيما ليست "سبوبة" إنما هي المتحكمة بأذواق و طبائع المجتمع.
فهل سيمد الله في أعمارنا حتي نجد فيلم خفيف لطيف ممتع بعيداً عن الاثارة السخيفة و العنف الغير مبرر و الاصوات البشعة تلك !

نصيحة: إن لم تشاهد الفيلم فشاهده.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق